أربعاء, 11/20/2013 - 20:54
مرض بن زيما النفسي يؤهل منتخب المستعمر السابق للمونديال
"صعوبات في تمكين المستعمر السابق من الفوز"، هذا ما كتبه في مقالات رأي "لونوفيل أوبسيرفاتور" طبيب الأمراض العقلية الفرنسي –والمولود في تونس، جيرار حدادا، بشأن لاعب ريال مدريد والمنتخب الفرنسي لكرة القدم المهاجم كريم بن زيما، وهو من أصول جزائرية. كان ذلك قبل شهرين، في العاشر من سبتمبر الماضي، وفرنسا وقتها على أبواب مباراة تصفيات المونديال أمام بيلاروسيا. ورجح الكاتب والمحلل النفسي الذي "تبناه لاكان" أن بن زيما، الذي لم يسجل هدفا منذ 13 مباراة، لا يسجل لصالح المنتخب الفرنسي بسبب "مشكل نفسي" يفسره بـ "تعدد هوياته"، ووصفه بـ"الاضطراب العصبي".
يحصل هذا في فرنسا بعد ثلاثين سنة على أول "مسيرة من أجل المساواة وضد العنصرية" تنظم في البلاد والتي لقبها الإعلام بـ la marche des beurs. وbeur "بور" كلمة جديدة نسبيا في قاموس اللغة الفرنسية وهي نتيجة لعب على حروف كلمة "عرب" وتعني أبناء المهاجرين من أصول شمال أفريقية. يتحدى جيرار حداد المختصين في كرة القدم، ويؤكد أنهم كثيرون في أوساط "المثقفين الباريسين"، فيشكك بنبرة ساخرة في إيمانهم بأن بن زيما "لاعب كبير، وذي فنيات باهرة، ومتمكن من أساليب اختراق دفاع الفريق الخصم وتسجيل هدف في شباكه".
ولحسن الحظ فإن الطبيب كما صرح بنفسه، ليس من هؤلاء الخبراء. وقع حداد في شباك الوجبات النفسية الشعوبية السريعة، وفي خطر التحليل عن بعد، وفي الرؤى التقريبية الهاوية التي تحبط الذكاء. وتذكرنا "نظريته" بتلك التي يمتهنها المحلل النفسي السلوفيني سلافوج زيزاك، وهو كذلك من المدرسة اللاكانية، وترتبط عنده الرؤية الجامعة بالمسيحية فيقول "يجب أن نبتكر شكلا جديدا للجماعي، ضمن منطق عالمي محرر، للجامع كالروح القدس". والمخيف في هذه الفلسفة الأوروبية الجديدة أنها تحتوي على اختزال فكري وتبسيط للمشهد المعاصر، يمكن أن يحمل في طياته بوادر شر. فلا أحد يجهل الحقبة السوداء التي عرفتها أوروبا في منتصف القرن العشرين. فحضارة "الأنوار" أفرزت تطور تقنيا وصناعيا وصل إلى حد "تيلرة" الجريمة أي ممارستها بمنهجية ووسائل صناعية.
ولم يتردد حداد في تمييع موقفه فزاد أرضية الملعب انزلاقا، فخلق خانة جديدة لن ينساها بلا شك تاريخ العلم، ومرضا جديدا أطلق عليه "عرض بنزيما" –ربما على نمط "عقدة ستوكهولم"-، يصيب حسب قوله "عشرات الآلاف من الأشخاص، من أبناء المهاجرين، واللذين يكنون للمستعمر السابق حقدا لم يتجاوز". بالنسبة إليه الأمر واضح وبديهي. ولم يسلم حسب قوله من "الانحراف والتهميش أو التعصب" سوى البعض "من ذوي المواهب". ومن المعروف أن الإنسان مخير : فإما أن يكون موهوبا أو أن يكون منحرفا. وربما أن كل الآخرين الذين لا موهبة لهم ولا سوابق عدلية، من موظفين وتجار وعمال ومدرسين، وغيرهم، مواطنون من درجة ثانية ينصحهم حداد بلهجة أبوية، ومستشهدا بفخفخة بمانديلا، بالتخلي عن كره المستعمر السابق لأن هذا النوع من الكره عبارة عن سجن تستمر فيه هيمنة القامع على المقموع.
والفرنسيون من أصول أجنبية أغلبهم عرب وسود ومسلمون بحكم التاريخ الاستعماري للبلاد، ويشغلون على غرار كل الفرنسيين مختلف المناصب، فمنهم وزراء وعلماء الكيمياء وعمال النظافة والأطباء وندل المقاهي، مرورا بالعاطلين. وغالبا ما عرف فوز الفريق الفرنسي بفوز "الأسود الأبيض البور"black blanc beur في إشارة إلى التنوع الإتني للمجتمع الفرنسي، وعلى وزن ألوان علم البلاد "أزرق أبيض أحمر" bleu blanc rouge.
لم يلعب بن زيما المباراة ضد بيلاروسيا، لكن انتصرت فيها فرنسا 4-2 بفضل أهداف سجلها فرانك ريبيري الذي لم يربكه إسلامه أمام المرمى، وبول بوغبا وهو من أب غيني وسمير نصري ذي الأصول الجزائرية. فإن كان بن زيما في حاجة لفحص نفسي قبل المباراة "إن لعب" كما قال حداد، فلماذا لا يحتاجها نصري وبوغبا وغيرهم ؟ ترمى افتراضات الطبيب العبثية في التماس... وربما، كما اقترح أحد الباحثين في مجال الدراسات الاستراتيجية كرد فعل على مقال حداد لأن اللاعب "شاب ووسيم وغني" يتمنى الكل أن يكون في مكانه، فأثار ذلك اهتمام المحلل النفسي وأجج عنده عقدة الحسد.
لم يلعب بن زيما ضد بيلاروسيا لكن لعب أمس في مباراة المنتخب الفرنسي الحاسمة أمام أوكرانيا ضمن إياب الملحق الأوروبي. خلقت فرنسا المعجزة وفازت 3-0 ومكنتها هذه النتيجة من التأهل لنهائيات كأس العالم 2014 لكرة القدم في البرازيل. سجل مامادو ساكو، وهو من أصل سينيغالي، هدفين. وسجل كريم بن زيما هدفا.
حيا رئيس الوزراء الفرنسي في هذا الفوز ما سماه "الجماعي" le collectif. ومن جهته يستخدم المحلل النفسي السلوفيني سلافوج زيزك المذكور أعلاه هذا المصطلح. وقال حزب "الجبهة الوطنية" اليميني المتطرف في بيان إن "الجماعي والتضحية" كانا سببا في فوز المنتخب الفرنسي، مؤكدا أن مفهوم "الجماعي" ليس "المفهوم العنصري "أسود أبيض بور""، ويظهر بذلك هذا "الجماعي" فجأة في الأوساط السياسية المتعودة على استعمال فكرة "المجموعة" بمعنى "روح الفريق" أو "التضامن".
وفي حين يتنازع أهل السياسية المفاهيم ويقلبون الشعارات، يحتكرونها ويفتكونها ويغيرونها ويتلاعبون بها، يسجل بن زيما هدفا يسكت المحللين والأطباء والسياسيين والفلاسفة والإعلاميين. تأهلت الجزائر بدورها في نفس المساء الذي تأهلت فيه فرنسا، وعشية عيدها الوطني، إلى مونديال 2014 بعد تغلبها 1-0 على بوركينا فاسو.
وتسكت اللوحة الجمالية الصرف التي رسمتها الاحتفالات في شارع الشانزليزيه بباريس حيث اختلطت أعلام الجزائر بأعلام فرنسا في عرس كروي استمر إلى حوالي الثالثة صباحا، خزعبلات حداد. فإذا كان من الصعب أن تكون لاعبا متألقا في المنتخب الفرنسي إن كنت من أصل جزائري، يبدو أصعب أن تكون محللا نفسيا جيدا في حال كنت من أصل تونسي.
وفي تلك الأثناء التي يشرب فيها الشعب الفرنسي نخب لاعبيه الفرنسيين، تواصل الشرطة الفرنسية بحثها عن مسلح "مجهول الهوية" أطلق النار صباح الاثنين في مقر صحيفة ليبيراسيون وأصاب مساعد مصور. ولم تؤكد بعد تكهنات الخبراء إذا كان الرجل ذي "الملامح الأوروبية" يعاني من مشكل نفسي أم لا.
يحصل هذا في فرنسا بعد ثلاثين سنة على أول "مسيرة من أجل المساواة وضد العنصرية" تنظم في البلاد والتي لقبها الإعلام بـ la marche des beurs. وbeur "بور" كلمة جديدة نسبيا في قاموس اللغة الفرنسية وهي نتيجة لعب على حروف كلمة "عرب" وتعني أبناء المهاجرين من أصول شمال أفريقية. يتحدى جيرار حداد المختصين في كرة القدم، ويؤكد أنهم كثيرون في أوساط "المثقفين الباريسين"، فيشكك بنبرة ساخرة في إيمانهم بأن بن زيما "لاعب كبير، وذي فنيات باهرة، ومتمكن من أساليب اختراق دفاع الفريق الخصم وتسجيل هدف في شباكه".
ولحسن الحظ فإن الطبيب كما صرح بنفسه، ليس من هؤلاء الخبراء. وقع حداد في شباك الوجبات النفسية الشعوبية السريعة، وفي خطر التحليل عن بعد، وفي الرؤى التقريبية الهاوية التي تحبط الذكاء. وتذكرنا "نظريته" بتلك التي يمتهنها المحلل النفسي السلوفيني سلافوج زيزاك، وهو كذلك من المدرسة اللاكانية، وترتبط عنده الرؤية الجامعة بالمسيحية فيقول "يجب أن نبتكر شكلا جديدا للجماعي، ضمن منطق عالمي محرر، للجامع كالروح القدس". والمخيف في هذه الفلسفة الأوروبية الجديدة أنها تحتوي على اختزال فكري وتبسيط للمشهد المعاصر، يمكن أن يحمل في طياته بوادر شر. فلا أحد يجهل الحقبة السوداء التي عرفتها أوروبا في منتصف القرن العشرين. فحضارة "الأنوار" أفرزت تطور تقنيا وصناعيا وصل إلى حد "تيلرة" الجريمة أي ممارستها بمنهجية ووسائل صناعية.
ولم يتردد حداد في تمييع موقفه فزاد أرضية الملعب انزلاقا، فخلق خانة جديدة لن ينساها بلا شك تاريخ العلم، ومرضا جديدا أطلق عليه "عرض بنزيما" –ربما على نمط "عقدة ستوكهولم"-، يصيب حسب قوله "عشرات الآلاف من الأشخاص، من أبناء المهاجرين، واللذين يكنون للمستعمر السابق حقدا لم يتجاوز". بالنسبة إليه الأمر واضح وبديهي. ولم يسلم حسب قوله من "الانحراف والتهميش أو التعصب" سوى البعض "من ذوي المواهب". ومن المعروف أن الإنسان مخير : فإما أن يكون موهوبا أو أن يكون منحرفا. وربما أن كل الآخرين الذين لا موهبة لهم ولا سوابق عدلية، من موظفين وتجار وعمال ومدرسين، وغيرهم، مواطنون من درجة ثانية ينصحهم حداد بلهجة أبوية، ومستشهدا بفخفخة بمانديلا، بالتخلي عن كره المستعمر السابق لأن هذا النوع من الكره عبارة عن سجن تستمر فيه هيمنة القامع على المقموع.
والفرنسيون من أصول أجنبية أغلبهم عرب وسود ومسلمون بحكم التاريخ الاستعماري للبلاد، ويشغلون على غرار كل الفرنسيين مختلف المناصب، فمنهم وزراء وعلماء الكيمياء وعمال النظافة والأطباء وندل المقاهي، مرورا بالعاطلين. وغالبا ما عرف فوز الفريق الفرنسي بفوز "الأسود الأبيض البور"black blanc beur في إشارة إلى التنوع الإتني للمجتمع الفرنسي، وعلى وزن ألوان علم البلاد "أزرق أبيض أحمر" bleu blanc rouge.
لم يلعب بن زيما المباراة ضد بيلاروسيا، لكن انتصرت فيها فرنسا 4-2 بفضل أهداف سجلها فرانك ريبيري الذي لم يربكه إسلامه أمام المرمى، وبول بوغبا وهو من أب غيني وسمير نصري ذي الأصول الجزائرية. فإن كان بن زيما في حاجة لفحص نفسي قبل المباراة "إن لعب" كما قال حداد، فلماذا لا يحتاجها نصري وبوغبا وغيرهم ؟ ترمى افتراضات الطبيب العبثية في التماس... وربما، كما اقترح أحد الباحثين في مجال الدراسات الاستراتيجية كرد فعل على مقال حداد لأن اللاعب "شاب ووسيم وغني" يتمنى الكل أن يكون في مكانه، فأثار ذلك اهتمام المحلل النفسي وأجج عنده عقدة الحسد.
لم يلعب بن زيما ضد بيلاروسيا لكن لعب أمس في مباراة المنتخب الفرنسي الحاسمة أمام أوكرانيا ضمن إياب الملحق الأوروبي. خلقت فرنسا المعجزة وفازت 3-0 ومكنتها هذه النتيجة من التأهل لنهائيات كأس العالم 2014 لكرة القدم في البرازيل. سجل مامادو ساكو، وهو من أصل سينيغالي، هدفين. وسجل كريم بن زيما هدفا.
حيا رئيس الوزراء الفرنسي في هذا الفوز ما سماه "الجماعي" le collectif. ومن جهته يستخدم المحلل النفسي السلوفيني سلافوج زيزك المذكور أعلاه هذا المصطلح. وقال حزب "الجبهة الوطنية" اليميني المتطرف في بيان إن "الجماعي والتضحية" كانا سببا في فوز المنتخب الفرنسي، مؤكدا أن مفهوم "الجماعي" ليس "المفهوم العنصري "أسود أبيض بور""، ويظهر بذلك هذا "الجماعي" فجأة في الأوساط السياسية المتعودة على استعمال فكرة "المجموعة" بمعنى "روح الفريق" أو "التضامن".
وفي حين يتنازع أهل السياسية المفاهيم ويقلبون الشعارات، يحتكرونها ويفتكونها ويغيرونها ويتلاعبون بها، يسجل بن زيما هدفا يسكت المحللين والأطباء والسياسيين والفلاسفة والإعلاميين. تأهلت الجزائر بدورها في نفس المساء الذي تأهلت فيه فرنسا، وعشية عيدها الوطني، إلى مونديال 2014 بعد تغلبها 1-0 على بوركينا فاسو.
وتسكت اللوحة الجمالية الصرف التي رسمتها الاحتفالات في شارع الشانزليزيه بباريس حيث اختلطت أعلام الجزائر بأعلام فرنسا في عرس كروي استمر إلى حوالي الثالثة صباحا، خزعبلات حداد. فإذا كان من الصعب أن تكون لاعبا متألقا في المنتخب الفرنسي إن كنت من أصل جزائري، يبدو أصعب أن تكون محللا نفسيا جيدا في حال كنت من أصل تونسي.
وفي تلك الأثناء التي يشرب فيها الشعب الفرنسي نخب لاعبيه الفرنسيين، تواصل الشرطة الفرنسية بحثها عن مسلح "مجهول الهوية" أطلق النار صباح الاثنين في مقر صحيفة ليبيراسيون وأصاب مساعد مصور. ولم تؤكد بعد تكهنات الخبراء إذا كان الرجل ذي "الملامح الأوروبية" يعاني من مشكل نفسي أم لا.
Tags for all blogs :
Comments or opinions expressed on this blog are those of the individual contributors only, and do not necessarily represent the views of FRANCE 24. The content on this blog is provided on an "as-is" basis. FRANCE 24 is not liable for any damages whatsoever arising out of the content or use of this blog.
0 Comments
Post new comment